مكانة النبي محمد (ص) يوم القيامة
إن خاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو أكثر الناس تواضعاً، ولا أحد يستطيع أن يصل إلى تواضعه في حضرة الله. والتواضع هو أحب الصفات إلى الله تعالى، فكلما تواضعنا رفعنا الله إلى أعلى، وبقدر ما يفتخر الإنسان أمام ربه أذله الله.
لقد رفع الله تعالى حبيبه محمداً إلى أعلى المراتب في الحضرة الإلهية، وأوكل إليه توزيع المراتب على البشر كافة حسب حاجتهم. وقد قسم محمد مراتب الأنبياء والأولياء، كما قسم مراتب الإيمان للمؤمنين عموماً (ايمان) قد أعطاه إياه. لقد وكل الله تعالى النبي محمداً بالحكم على كل مخلوق، ولكنه لا يحكم خارج تلك السلطة أبداً - قد تمتد تلك السلطة إلى كل مخلوق ولكن الله تعالى هو قاضي القضاة وهو بيده الحكم لجميع المخلوقات بما في ذلك محمد. كان الشيخ الكبير يقول أن الله تعالى قد يفتح لنبيه حقيقة كونه قاضياً لجميع المخلوقات في اليوم الآخر. سيعطيه سلطة أن يكون قاضياً لجميع الناس المجتمعين في اليوم الأخير في الحضرة الإلهية. في ذلك اليوم ستظهر سلطة النبي في الحكم. لمعرفة ذلك يكفي معرفة الشرف الذي ينتمي إلى نبينا، الذي قال في الحديث: "في ذلك اليوم يكون آدم وجميع الأنبياء تحت لوائي. لا أقول هذا من باب الفخر، ولكن لأخبركم فقط لتؤمنوا بما يعطيني ربي يوم القيامة؛ في ذلك اليوم يكون جميع الأنبياء تحت لوائي بأمر الله تعالى، وبأمره أخبركم لتعرفوا مرتبة كل واحد في الحضرة الإلهية".
"لما نفخ الله في آدم نظر إلى عرش الله، ولما أذنب في الجنة وأرسله الله إلى الأرض سأل ربه: يا رب بحق محمد اغفر لي، فقال له الله: يا آدم كيف عرفت محمداً وهو لم يخلق؟ قال: يا رب لما نفخت روحي في جسدي وفتحت عيني نظرت إلى عرشك فإذا مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله" (1).لا اله الا الله محمد رسول الله)، فأعلم أنه لابد أن يكون أحب الناس إليك وأكرمهم بين المخلوقات حتى يكتب اسمه إلى جانب اسمك. فأجاب الله تعالى آدم: نعم، أنت على حق، إنه حبيبي، ومحترم في عيني حتى خلقت الكون كله من أجله، وإذا استغفرتني من أجله غفرت لك ورحمت أبنائك أيضًا.
إن الله تعالى يعطي محمداً سلطاناً يوم القيامة، وفي ذلك اليوم يحكم الله على الجميع، فإذا فرغ من حكمه دعا محمداً إلى المقام المحمود (المقام المحمود) التي لا يصل إليها أحد غيره، فيقول الله تعالى: (اسألوا تعطوا، فإن هؤلاء الآن في حكمكم) وهذا معنى القول القرآني بأن محمداً لم يُبعث إلا رحمة للعالمين.