في الخفاء شيرك
روى الشيخ صلاح خادمه: قال شاه نقشبند ذات مرة لأتباعه: إن أي اتصال لقلبك بغير الله هو أعظم حجاب للسائل، ثم أنشد هذا البيت من الشعر:
“وَالْوَصْلُ بِغَيْرِ اللَّهِ أَقْوَى الْحُجُبِ، وَالِانْقِطَاعُ إِلَيْهِ فَتْحُ التَّوْفِيقِ” .”
فور قراءته لهذه الآية خطر في بالي أنه كان يشير إلى العلاقة بين الإيمان إيمان و الإسلام. فَنَظَرَ إِلَيَّ وَضَحِكَ وَقَالَ: أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ الْحَلَّاجُ؟ ‘رددت دين الله، والرد واجب عليَّ وإن كان ذلك قبيحاً عند المسلمين“. يا شيخ صلاح، ليس المهم يا شيخ صلاح ما خطر على قلبك - أن الارتباط بالإيمان والإسلام - ليس هو المهم. المهم هو الإيمان الحقيقي، والإيمان الحقيقي عند أهل الحق هو أن ينكر القلب كل ما سوى الله وكل ما سوى الله. وهذا هو الذي جعل الحلاج يقول: ”أنكرت دينكم والإنكار واجب عليَّ، وإن كان ذلك قبيحاً عند المسلمين“. فقلبه لا يريد شيئًا سوى الله”.”
"إن الحلاج لم يكن ينكر إيمانه بالإسلام، بل كان يؤكد على تعلق قلبه بالله وحده. فإذا كان الحلاج لا يقبل إلا الله، فكيف يمكن لأحد أن يقول إنه ينكر دين الله؟ إن شهادته على حقيقة شهادته كانت تشمل الشهادة العادية التي يقوم بها المسلم العادي، وجعلتها أشبه باللعب بالأطفال."
وتابع الشيخ صلاح قائلاً: “قال شاه نقشبند: ”إن أهل الله لا يعجبهم ما يفعلون، ولا يعملون إلا حباً لله".”
قال شاه نقشبند,
“قالت رابعة العدوية: اللهم إني لم أعبدك طمعاً في ثوابك ولا خوفاً من عقابك، ولكن أعبدك لمحبتك وحدك’. فإذا كانت عبادتك لنجاة نفسك، أو لتحصيل ثواب لنفسك فهي شرك خفي؛ لأنك أشركت مع الله تعالى شيئاً إما الثواب وإما العقاب. وهذا هو الذي عناه الحلاج‘.’
قال الشيخ أرسلان الدمشقي,
“اللهم إن دينك ليس إلا الشرك الخفي، والكفر به واجب على كل عبد مخلص، اللهم إن دينك ليس إلا الشرك الخفي، والكفر به واجب على كل عبد مخلص. إن أهل الدين لا يعبدونك وإنما يعبدونك ليحصلوا على الجنة أو النجاة من النار. فَهُمْ يَعْبُدُونَهُمَا كَالْأَصْنَامِ وَذَلِكَ شَرُّ الشِّرْكِ. لقد قلت, man yakfur bi-t- taghuti wa yu’min billahi faqad istamsaka bi-l-`عروة الوثقى ((فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى)) [2:256]. وقال تعالى: “فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِكَ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى”.”
سئل الشيخ أبو الحسن الشاذلي (س)، وهو من كبار مشايخ الصوفية، فقال له شيخه: “يا بني، بأي شيء تلقى ربك”؟ قَالَ: “آتِيهِ بِفَقْرِي”. قال,
“يَا بُنَيَّ لَا تَعُدْ لِهَذَا أَبَدًا. هذا هو الصنم الأكبر، لأنك لا تزال تأتي إليه بشيء. حرر نفسك من كل شيء ثم تعال إليه.
“إن أهل الشرائع والمعارف الظاهرية يثبتون أعمالهم وعلى هذا الأساس يثبتون مفهوم الثواب والعقاب. فإن كانت حسنة وجدوها حسنة، وإن كانت سيئة وجدوها سيئة، فما نفع العبد فهو من أعماله، وما ضره فهو من أعماله. وَهَذَا عِنْدَ أَهْلِ الطَّرِيقِ هُوَ الشِّرْكُ الْخَفِيُّ؛ لِأَنَّهُ إِضَافَةُ الشَّيْءِ إِلَى اللَّهِ. وَإِنْ كَانَ فِعْلُ الْحَسَنَاتِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا لَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَلَّقَ الْقَلْبُ بِهَا. بل يجب أن تكون لوجهه تعالى ومحبته فقط، من غير أن ينتظر مقابلها شيئًا”.”